البندولات .. وغياب الوعي العام - Transurfing Articles
البندولات .. وغياب الوعي العام

البندولات .. وغياب الوعي العام

شارك المقالة



البندولات .. وغياب الوعي العام
في كتابه الجميل "ترانسيرفينج الواقع" يقدم لنا فاديم زيلاند، في فصل من فصوله، صورة فريدة حول كيفية نشأت *البندول أو طفيليات الطاقة كما يسميها، ووجه الفرادة فيه أن زيلاند لم يقدم لنا البندول كظاهرة كما تقدم عادة في الكتب والدراسات، حيث تكون الظاهرة مشكلة يدفعها الصراع من الخارج وتجر معها الأخضر واليابس، وهما يواجهان هذا المسار اجباراً وفي أحيان كثيرة يقادا إلى حيث يراد لهما وينجرا انجراراً إلى دون حق تقرير المصير.
هذه النماذج من الظواهر لن تصادفها في كتاب ترانسيرفينج الواقع، رغم أن الأسباب التقليدية لتلك الحالات الطارئة والاضطرابات والنزاعات موجودة، إلا أن ما تصادفه هو ظواهر من نوع آخر، أي ظواهر يفترض أن منبعها من الداخل، فتكون مجردة ومكشوفة للمتمرس إن صح التعبير أو للإنسان الواعي الذي هو صاحب القرار لادارة واقعه وحياته الخاصة، ويبقى في مأمن بأن لا ينقاد لها بسهولة، ولا يدخل في متاهة متشعبة، بل يكون لديه مقدرة على التنقل الحر في الأماكن غير المطروقة ولا ينغمس كلياً في أي بندول سلبي، ولا يسمح لأي كائن أن يجره اجتراراً إلى هذه اللعبة.
زيلاند يوضح بشكل جلي أن أول أهداف البندول المدمر هو الحصول على الطاقة من الإنسان، فهو يتغذى وينمو على هذه الطاقة، ومن الأهمية للبندول أن يحاول أن يثبت تردد إشعاع طاقة الإنسان على المشكلة، وأبسط طريقة لذلك هي أن يقنعه بأن هنالك فعلا مشكلة، كمشكلة التدخين، أو مصيدة التسوق المزمنة، أو الرعب من مرض معين، هذا على سبيل المثال البسيط رغم علمه بعدم الفائدة، فيرضخ بادراك أنها مشكلة معقدة لا مفر منها، وبمجرد قبوله لهذا الشرط هنا يصبح في استسلام تام، ومن الممكن بكل سهولة اقتياده من يده وإدخاله في قواعد هذه اللعبة.
ليس للبندولات من شغل سوى تخويف الإنسان، وازعاجه، واللعب في ذهنه، حتى يسهل عليه ابتلاع الطعم المطاطي، فيمضي عليه الشهر والشهران والسنة والسنتان وهو يلوك ويمضغ في هذا الطعم، إلى أن يبيت يتضور مرارة الألم، ومن ثم يتحول لاستقبال المشاكل بالتوجس والمهابة، فيكون في هذه الحالة غائباً عن الوعي وفي عداد من يتحكم به آلياً أو لنقل أصبح ممن يتم تحريكه بما يشبه خيوط الدمى المتحركة.
وبطبيعة الحال وهو في هذه المعمعة، فإنه لن يستطيع أن يفكر في البحث عن حل، وإذا صادف وأن وجد حلاً فإنه لن يجدي نفعاً، حيث أنه سبق وأن استنزفت طاقته على مدى تراكمي لوقتٍ ليس بالقصير، وأصبحت نفسه موبوئة، لدرجة أنه لم يعد يدري بعدئذ لماذا هو لا يزال يستمر ينجرّ خلف هذا التيار طول هذا الوقت؟!، فيكتفي عندئذ بإجابة مقتضبه منه، أو أنه بمعنى آخر لا يرغب الاكثار عليه من الأسئلة والضغط خشية أن يزداد تعنتاً، مع أنه لا يغضب بمعنى الغضب نفسه، لكنه يمضي في هذا المسار معلقاً دون أن يستطيع معرفة ايجاد اجابة مقنعة، وبدلاً من ذلك يواصل السعي للجلوس للمؤانسة مع أقرانه ممن هم سائرون على هذا التردد المناسب لتردده.
من خلال هذا الاستعراض الموجز لأجواء البندولات والمنظور العام لها، يمكن القول أن العالم الروسي فاديم زيلاند كان مهتماً في رسم نموذج عميق يساعد على رفع درجة الوعي تجاه البندولات السلبية وتوخي مخاطرها وعدم الوقوع في متاهتها المتشعبة، كذلك تجنب الصراعات اليومية مع الحياة، فقد فكك الفكرة تفكيكاً بارعاً، وأعاد تركيبها من منظورات تكشف الخلل وتنذر بالمصائر الفاجعة إذا لم يتحرك الإنسان من داخل نفسه في رأب ذلك الخلل وتوجيه ذاته توجيهاً عقلانياً وميتافيزيقياً على مبادئ وقيم صحيحة، وتلك هي الغاية القصوى لفصل البندولات، أن تبتعد عن الشبهات وتتخلص من تأثير البندولات المدمرة، وإلتزام كتاب ترانسيرفينج الواقع للعالم الروسي فاديم زيلاند بهذه المهمة هو دافع لتحريك الوعي في النفوس، والحقيقة أنه يبعث الأمل للعيش بأريحية.  
سعد أحمد
* تعني الظاهرة، وفي الغالب تكون الظواهر سلبية، وهذا لا يعني أنه لا يوجد ظواهر ايجابية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم الانضمام الى متابعينا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتوصل بكل جديد

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *