لاتكن سنجاباً...اذهب واختار طريقك! - Transurfing Articles
لاتكن سنجاباً...اذهب واختار طريقك!

لاتكن سنجاباً...اذهب واختار طريقك!

شارك المقالة

لاتكن سنجاباً...اذهب واختار طريقك!
قد نتعجب من حياة السناجب التي تتصف بالحذر الشديد والعمل الدؤوب والازعاجات لبعضها البعض والصراخات والدفاع عن طعامها ومسكنها باستماته، وتجعل حياتها كلها عمل دون توقف، سرقات المساكن والطعام والدفاع عنها، وصراعات متوترة دون استمتاع بها، وهذا هو السلوك الغالب على أكثر من 260 نوع من أنواعها في العالم؛ بينما يوجد على الأرض أكثر من سبعة مليار إنسان يعيش ليأكل ويشرب ويعمل ويموت وبينهم صراعات، وبحث عن مكان ووجود تحت الشمس، بسبب غياب الهدف من الحياة، لذلك يشتكي الكثير من تقلقل الذات وعدم استقرارها، وشُحوب الحياة وفقدان جمالها، والاستهانة  بالقُدرات الشخصية، ويتقوقع على نمط واختيار واحد دون تغير وتطور، ويثمر عن هذا الاختيار الوحيد نتائج من جنس أفعاله وسلوكه وتصوراته الذهنية.
 الانسان يتميز عن السناجب وباقي المخلوقات بعدد لا نهائي من الخيارات والمسارات الموجودة قدراً بمؤشراتها وأسبابها ونتائجها، فمهمته الأولى هي النية العميقة في ذاته لاختيار مسار الحياة المناسبة، فهو ليس مجبراً على سلوك طريق واحد ونموذج محدد، وكما أن استمتاعه بالحياة مرهون بهدوء عقله واطمئنان قلبه وقبول الآخرين كما هم دون تغيرهم.
 السنجاب قلقل ومتوتر ويسير على وتريه واحده لا تتغير؛ بينما الانسان لديه كل أنواع الخيارات وكل سيناريوهات الحياة، وكل أسرار القوانين والسنن، وهي تحت الخدمة لمن يستثمرها ويستكشف مفاتيحها، فالمعاناة للمُعاني؛ والمتعة للمتمتع.
  قد لا يكون للسناجب ولا لأي مخلوقات أخرى -غير الانسان- حرية اختيار الطريق من بين ملايين المسارات والاحتمالات؛ فالاختيار المناسب من خصائص الانسان الواعي بغض النظر عن أبعاد الزمان، والمكان، والظروف، والآخرون، قد يكون لها تأثيراً مؤقتاً؛ ولكن اختيار الطريق يبدأ من داخل الذات بمكوناتها الروحية والعقلية والجسمية.
  إذا كان السنجاب ذا طريق وأسلوب واحد فمهما تقلبت به الأوضاع وعاقبته الحياة بقسوتها فسوف يستيقظ من نومه ويرجع لنفس المسار، ولكن عندما يستيقظ الانسان الواعي ويشعر باللحظة ويدركها تتسع لديه المسارات والاحتمالات؛ هناك ينمو الوعي بخياراته ويعيد النظر في الأولويات ويرسم صناعة الواقع كما يريد، وإلا بقي كالسنجاب يدور في حلقة مفرغة.
 الصراع المستمر في الغابة يدل على عدم التوافق الذهني والروحي عند السناجب، وقانون الغاب يقوم على التقاتل والنزاعات وإظهار القوى؛ لذلك فالكائنات تخلق توازن خارجي فيما بينها، وقوة توازن الانسان تكون بخلق توازن العقل والقلب داخلياً مما ينشأ عن الاستقرار الذاتي وقوة اختيار المسار بوضوح كامل وعيش اللحظة بكل مشاعرها وأحاسيسها.
 وتظهر في الانسان الصفات السنجابية عند غياب القدرة على الاختيار والسير في مسار واحد كله ظلمات ملئ بالتململ والتسخّط والتفسيرات والتصورات السلبية، والتمسك بصفحات الماضي دون قلبها، والتقيد بمصير الأجداد دون تجديد وتطوير والوقوف الطويل على تجارب الآخرين المحدودة دون إعادة نظر فيها، والمقارنة المحمومة، ومحاولة الحصول على فرص الحياة بالكفاح المستميت وهذا بمثابة التحضير لتجهيز سرير الارتياح والموت فيه، وكل هذه الأعراض تؤدي للأمراض وكلها مسار واحد سلبي هو باختصار غياب الطريق.
   والخروج من الدائرة السنجابية يكون بصحوة الضمير الداخلي وتقدير المهارات الذاتية والاستمتاع بالحياة بحب يجعل لا حدود للزمان والمكان ولا قيمة لتأثير الظروف والآخرين في حياته، فالآن هي الفرصة فمهما تقدم بالإنسان العُمر فاللحظة هي الحياة ويستطيع أن يختار نوعية التعايش.
إذن؛ استنهض أفكارك وحدد مسارك ومَنّهِج خطتك وتدرجّ بالخطوات خطوة خطوة وعينك على الطريق بدون تشنج مع مرونة تامة للتغيير والتحسين واستمتع أثناء السير بكل لحظاتها وبمكافآت حسيّة ومعنوية بعد كل إنجاز، واستعد لرقصة النجاح في النهاية.
 أذهب واختار طريقك! القدر ما تصنعه أنت وليس ما يختاره لك الآخرون!      
خالد بن مبروك الرفاعي
asksfns@hotmail.com

هناك تعليق واحد:

يمكنكم الانضمام الى متابعينا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتوصل بكل جديد

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *